كيف سيغير الجيل الثالث للويب Web 3.0 استخدامنا للإنترنت

عادة ما يأتينا العصر الرقمي مع معجمه الخاص، و مجموعة محيرة من العبارات و الكلمات و المختصرات المصممة للتشويش علينا أكثر منه لتنويرنا. و قد وجدت العديد من هذه المصطلحات الجديدة طريقها إلى مفرداتنا اليومية، على الرغم من أن المعاني غالبًا ما تكون مبهمة و غير واضحة.

فقد يستخدم العديد من الأشخاص مصطلحي الويب و الإنترنت بالتبادل للحديث عن شيئين مختلفين. علاوة على ذلك، يوجد هناك أكثر من إصدار واحد للويب. هل أنت تائه أكثر؟ 

سنساعدك في هذه المقالة على التمييز بين Web 1.0 و 2.0 و 3.0. لذا ، دعونا نلقي نظرة على ثلاثة إصدارات مختلفة من هذا المورد المهم عبر الإنترنت.

و لكن قبل هذا، لن أتركك في حيرة من أمرك و سأطلعك على الفرق بين الويب والإنترنت. الويب، و الذي كان يُشار إليه سابقًا باسم شبكة الويب العالمية، هو الصفحات أو المواقع التي تراها عند تسجيل الدخول على الإنترنت. أما الإنترنت فهي عبارة عن سلسلة من أنظمة الكمبيوتر المترابطة التي يعمل عليها الويب، إضافة إلى أنها الوسيط الذي يسمح للملفات و رسائل البريد الإلكتروني بالتنقل. 

بعبارة أخرى، الإنترنت هو نظام الطرق السريعة الذي يربط العديد من المدن، و الويب عبارة عن مجموعة من محطات التوقف، و محطات الوقود، و المتاجر، و غيرها. و لازالت جميع إصدارات الويب مستمرة في استخدام الإنترنت لربط المستخدمين بمواقع الويب و بعضهم ببعض،  و هذ ما يعد أحد أبرز الاختراعات التي غيرت وجه الإنسانية. 

و بما أن كل الاختراعات المذهلة التي استفدنا منها عبر الزمن استخدمت تقنيات فريدة لتحسين مستوى معيشتنا، فالأمر يتكرر إذا تحدثنا عن بروتوكول https على سبيل المثال، فهو بروتوكول ينتمي إلى الويب 2.0 و يستند إلى اختراع الإنترنت. يقع هذا البروتوكول على الويب 2.0 و هو معيار آمن يستخدم التشفير المتماثل و التشفير الذي يمنح الخصوصية للمستخدمين. 

إضافة إلى ذلك، يعمل HTTPS بشكل رائع منذ سنوات عديدة ليوفر لنا تجربة تصفح آمنة و استثنائية. فمثلا العنوان https://www.google.com سيسمح لك بالدخول إلى خوادم جوجل و من ثم  التواصل بشكل آمن مع العالم بأسره و الحصول على جميع المعلومات التي تحتاجها و هذا دون مشاركة المعلومات الموجودة على جهازك الشخصي ما لم توافق على ذلك. من جهة أخرى، و من خلال تصفحك للموقع، سيكون من السهل عليك جمع المعلومات من تطبيقات Google، وإذا كنت مشتركًا في حساب Google، فيمكنك استخراج جدول من جداول بيانات Google مباشرة أو كتابة بريد إلكتروني إلى صديقك في Gmail، كما يمكنك حفظ كلمات المرور في Google و كذلك تحميل الملفات الحساسة على السحابة الخاصة بهم دون المساس بخصوصيتك. 

و لكن ما الذي كان موجودا قبل بروتوكول HTTPS؟ 

نحن بهذا نسأل عن ماهية Web 1.0.  

في الماضي كان هناك إنترنت يمكنك من خلاله قراءة الأشياء كنوع من قواعد البيانات الضخمة بدون القدرة على التفاعل معها مقارنة بـ Web 2.0، ما يعطي إمكانية التفاعل مع المواقع و التسجيل و التعريف بنفسك إضافة إلى تفاعلات أخرى عديدة.

لكن الأمر هنا لا يقتصر على نمو الإنترنت فحسب، بل إنه يتطور تقنيًا أيضًا. إذ يحتوي الجيل الثاني من الإنترنت (Web 2.0) على العديد من العيوب التي تتضمنها الأسطر التالية : 

بداية، هي ليست لا مركزية، فمعظم معلوماتنا المالية و الخاصة و الشخصية تمر عبر الشركات الكبرى و البنوك و الحكومات، و هذا لامتلاكهم البنية التحتية و المعرفة الجيدة عنا، فينتج عنها إساءة استخدام هذه القوة. مثلا، يمكن لـ Facebook في أي لحظة حذف الحساب الخاص بشخص معين لأن مديره التنفيذي قرر أنه لا يلتزم بشروط سياسته. 

عيب آخر للويب 2.0 و هو أنه مقيد بالتكنولوجيا الحالية و من المستحيل إدخال تقنيات إضافية عليه مثل blockchain و AI والتعلم الآلي و IOT و غيرها. ستكون التقنيات التي سيتم إنشاؤها في المستقبل أساسًا لإنترنت غير محدود و أكثر ذكاءً من الإنترنت الحالي، و هو الإنترنت الذي يتناغم فيه كل شيء معًا بطريقة سلسة دون أن تتحكم فيه اليد البشرية. 

من جهة أخرى ، فإن أجهزة الكمبيوتر العملاقة في Google و Amazon تأخذ منك كل ما تحتاجه : تفضيلاتك في الملبس و المأكل، ما الذي تحب مشاهدته و ما هي عاداتك في التصفح.. كل هذا من أجل اختيار الإعلانات الموجهة لك بدقة و إبقائك على منصاتهم لأطول فترة ممكنة. إضافة إلى ذلك، فإن الكود الخاص بهم ليس مفتوح المصدر، لذا فهم لا يخضعون للتدقيق من قبل الجماهير بسبب الافتقار الرهيب للشفافية.

إذا ما هي المشكلة بالضبط ؟ 

يكمن لب المشكلة في نقص البنية التحتية لعامة الناس مقابل وجود فائض في البنية التحتية للمنظمات الكبيرة و المركزية. و لكن ماذا لو تمكنا من توحيد جميع أجهزة الكمبيوتر لدينا في بنية تحتية واحدة كبيرة؟ في النهاية نحن لا نستخدم كل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا. فماذا لو تمكنا من توحيد كل هذه القوة معًا من خلال تقنية blockchain و بناء الإنترنت الخاص بنا؟ سيكون حتما شيئا مثيرا للاهتمام! 

سنعود إلى هذا لاحقًا. و لكن الآن بما أنه قد أصبح لديك نظرة شاملة عن النقاط التي سقط من خلالها Web 2.0، فأنت تريد حتما الصعود معي درجة أخرى في رحلتنا الرقمية. 

هنا نصل إلى أحدث إصدارات الويب، فما هو Web 3.0؟ 

عند محاولة اكتشاف المعنى النهائي للويب 3.0 ، نحتاج إلى النظر في المستقبل. على الرغم من توفر عناصر Web 3.0 حاليًا، إلا أنه لا يزال أمامها طريق طويل قبل أن تصل إلى الإدراك الكامل.

تم بناء Web 3.0، و الذي يشار إليه أيضًا باسم Web3، على أساس أنه يتكون من الأفكار الأساسية لللامركزية و الإنفتاح و المساعدة الممتازة للمستخدم. Web 1.0 هو الويب “للقراءة فقط”، و Web 2.0 هو “الويب الاجتماعي التشاركي”، و Web 3.0 هو “الويب للقراءة و الكتابة و التنفيذ”.

تعمل هذه المرحلة الأخيرة من استخدام الويب على نقل المستخدمين بعيدًا عن المنصات المركزية مثل Facebook أو Google أو Twitter نحو منصات لا مركزية و مجهولة الهوية تقريبًا. أطلق مخترع شبكة الويب العالمية تيم بيرنرز لي في البداية اسم Web 3.0 على الويب الدلالي و تصور إنترنت ذكي، مستقل و مفتوح يستخدم الذكاء الاصطناعي و التعلم الآلي للعمل كـ “عقل عالمي” و معالجة المحتوى من حيث المفهوم و السياق.

ما الذي يميز الويب 3.0؟ 

بداية، لا يمكن فرض الرقابة على مواقع الويب أو تعطيلها في Web 3.0. إذ يشترط التصويت على كل شيء من قبل غالبية المستخدمين الذين يمتلكون الموقع (أو ما يطلق عليهم عمال المناجم) . بالإضافة إلى ذلك، في Web 3.0 تتدفق المعلومات بحرية و تتكامل التطبيقات التي تدعمها العقود الذكية بسلاسة، هي شبكة ويب حيث يحتفظ بها كل “عامل منجم” بجزء من المعلومات من موقعك من خلال تقنية blockchain Wine. يُطلق على البروتوكول الجديد الذي تعمل بموجبه الأشياء في Web 3.0 إسم ipfs و يعمل بطريقة مشابهة جدًا لبرنامج التورنت المعروف (يمتلك الكثير من الأشخاص موقعك، و باستخدام بروتوكول ipfs يمكنك تجميع هذا اللغز في موقع / ملف كامل واحد). 

لكن لا تزال هناك مشكلة : فمعظم المشاريع التي تدعي أنها تمثل الجيل القادم من الإنترنت هي مشاريع لا تدعم اللامركزية بما فيه الكفاية مثل Solana و Polkadot و Avalanche. كل هذه الأمور تعمل على طريقة إجماع على “إثبات الملكية”، و هو دليل إشكالي يسمح للأثرياء بالسيطرة ببطء على الشبكة. 

و لكي تستمر تقنية Web 3.0 blockchain في المضي قدمًا، هناك حاجة إلى نظام لامركزي حقيقي، نظام يعمل بآلية إثبات العمل (مثل البيتكوين). في حين أن هناك العديد من التطبيقات اللامركزية للويب 3.0، مثل pancake swap أو axie infinity، فمن المدهش أن هناك عددًا قليلاً جدًا من مزودي البنية التحتية الموزعة. 

و لكن ما هو مزود البنية التحتية الموزعة؟

هذا المصطلح يعني موفر البنية التحتية اللامركزية، بحيث أنه يمكن لأي شخص المساهمة “بأجهزة” الكمبيوتر الخاصة به لصالح شبكة معينة. لنأخذ على سبيل المثال كمبيوتر الإنترنت الذي يستخدم عملة ICP، و إلى وقتنا هذا، قد تم وضعها بين العملات المعدنية الأولى في coingeko. 

يمنح كمبيوتر الإنترنت للجميع القدرة على تفويض الموارد من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم من أجل تشغيل موقع ويب موزع مع تطبيقات موزعة تستخدم جميع التقنيات الجديدة التي يمكن أن يقدمها الجيل الثالث من الإنترنت. أي أنه يمكن لأي شخص استخدام جهاز الكمبيوتر الخاص به لتخزين معلومات و كذا رمز أو بروتوكول معين، وبعد ذلك، سيبقى جزء من موقعه على جهاز الكمبيوتر الخاص بي، بالتالي، يمكن لـمحمد الموجود في المملكة العربية السعودية، تصفح هذا الموقع عن طريق تنزيل بياناته (أو جزء منه) من جهاز الكمبيوتر الخاص بي. بهذا تكون قد تحصلنا على عدد من أجهزة  الكمبيوتر التي تعمل في نفس الوقت على تجميع موقع ويب كامل من الأجزاء يعمل بشكل رائع! هذا مذهل، أليس كذلك؟

و بالعودة إلى السؤال، لماذا عليّ التخلي عن جزء من جهاز الكمبيوتر الخاص بي؟ بماذا سيفيدني هذا؟ 

في مقابل حقيقة أنني منحت جزءًا من جهاز الكمبيوتر الخاص بي من أجل المساهمة في الإنترنت اللامركزي لجهاز كمبيوتر الإنترنت، فأنا أكافأ بعملات icp التي يستخدمها المبرمجون على شبكة كمبيوتر الإنترنت و كل واحد منهم يستحق في وقت كتابة هذا المقال حوالي 50 دولارًا. كلما زادت الموارد التي أعطيها لجهاز كمبيوتر الإنترنت، زادت مكافأتي.

لذلك دعونا نعيد ترتيب الأمور: يقوم الجيل الثالث من الإنترنت بتخزين المواقع في العديد من الأماكن الشيء الذي يمكنه من تجميع موقع كامل من القطع الموجودة على كل جهاز كمبيوتر (الذي قرر التبرع بجزء منه للشبكة). الشيء الآخر الذي يحدث في الجيل الثالث من الإنترنت هو أن البنية التحتية لم تعد حكراً على الشركات الضخمة و الحكومات، إذ من الممكن توحيد قوة الحوسبة لدينا جميعًا في وحدة ضخمة واحدة تكفي لتشغيل الإنترنت بالكامل.

هل هناك مجالات معينة يستخدم فيها Web 3.0 ؟ 

. Metaverses: عالم افتراضي لا حدود له ثلاثي الأبعاد. 

. ألعاب Blockchain : تتيح للمستخدمين امتلاك الموارد داخل اللعبة ، وفقًا لمبادئ NFT. 

. الخصوصية والبنية التحتية الرقمية: يتضمن هذا الاستخدام أدلة عدم المعرفة ومعلومات شخصية أكثر أمانًا. 

. التمويل اللامركزي: يشمل هذا الاستخدام Blockchains للدفع والمعاملات المالية الرقمية من نظير إلى نظير والعقود الذكية والعملات المشفرة

المنظمات المستقلة اللامركزية. أعضاء المجتمع يمتلكون مجتمعات على الإنترنت. 

. يتيح Web 3.0 للمستخدمين في النهاية التفاعل وتبادل المعلومات وإجراء المعاملات المالية بأمان دون سلطة أو منسق مركزي. نتيجة لذلك ، يصبح كل مستخدم مالك محتوى بدلاً من مجرد مستخدم محتوى.

لكن و على الرغم من كل هذا لم تنجح هذه النسخة المثالية تمامًا بسبب القيود التكنولوجية، كتكلفة و تعقيد تحويل اللغة البشرية إلى شيء يسهل على أجهزة الكمبيوتر فهمه. لسوء الحظ لا يزال هناك الكثير من العمل، لا سيما في مجال التعرف على الكلام ؛ إذ يحتوي الكلام البشري على مجموعة مذهلة من الفروق الدقيقة و المصطلحات التي لا تستطيع التكنولوجيا فهمها بالكامل. نحن كجزء من هذا المجال لا ننفي أن هناك تقدما كبيرا، و مع ذلك فالعملية برمتها لم تتقن بعد.

و نحن بدورنا نذكرك بأن الويب 3.0 ليس موجودًا بالكامل. ومع ذلك، فإننا نرى عناصره تشق طريقها نحو المجالات الجديدة للإنترنت، مثل NFTs و Blockchain و دفتر الأستاذ و سحابة AR، كما تعتبر Siri أيضا من تقنيات Web 3.0، و كذلك الأمر بالنسبة لإنترنت الأشياء. و مع ذلك عندما يحدث التنفيذ الكامل، سيكون أقرب إلى رؤية بيرنرز لي الأولية للويب 3.0. على حد تعبيره : ” سيكون مكانًا بدون إذن مطلوب من سلطة مركزية لنشر أي شيء؛ لا توجد عقدة تحكم مركزية، و بالتالي لا توجد نقطة فشل واحدة، و لا مفتاح إيقاف تلقائي “.

شارك المقالة :